رئيس التحرير أحمد متولي
 أنا كبير يا أمي.. خاطرة جوري الهاشمي بتعليق عبدالله عبدالوهاب (فيديو)

أنا كبير يا أمي.. خاطرة جوري الهاشمي بتعليق عبدالله عبدالوهاب (فيديو)

ينشر الطالب بالفرقة الثاالثة، كلية الإعلام جامعة الأزهر، مشاركة عبر شبابيك، يظهر فيها موهبته في التعليق الصوتي، لخاطرة من كلمات خاطرة جوري الهاشمي، وهي كالتالي:

«غاب الإحساس العميق بداخلي تجاه أشياء كثيرة. أصبحت أكثر هدوءا وأطول صمتا وأعمق نوما، وربما أبخل حرفا.

غبت عن نفسي حتى عُدت غير الذي كنت، لا يرضيني ما صرت إليه ولا معجزة تكفي لأعود هناك.

سنواتٌ مرت من عمري.. ولم أزهر، سنواتٌ مضت وأنا لست أنا. ما عدت أعرفني!

سنوات تمر على روحي القاحلة.. ولا أُمطر. ضياع روحي ليس بالضرورة أن يكون علامة للحزن العميق، بل حزنا على أحلام أصبحت في المرتبة الثانية.. بعد أن كانت تحتل الأولوية في قاموسي المفعمِ بالحياة.

أعلم أنها فترة تحول مُرّة.. أعلم أن الأشياء التي آمنت بمصداقيتها طويلا تخون، وأن الأشياء التي لا ينبغي أن تتركني.. تركتني.

أرغب في الابتعاد عن الكل بمسافات طويلة.. أحرّض نفسي على البعد كثيرا.

لطالما تمنيت أن أعود طفلا في هذه الليلة فقط؛ لأطرق الباب على أمي.. وأخبرها بأني خائف وأريد الاختباء في حضنها.

خائف أنا من هذه الحياة.. هذا العالم بات مخيفا.

بتنا نعيش في أوطان تخبئ عنا سلامنا في جيوب الشوارع، وخلف جدران الأحلام.

ماذا لو أنني لم أكبر؟!

كنت صغيرا أواجه الحياة وأنا مختبئ خلف جدار آمن.. لكن الآن..  جاء دوري.. وأصبحت أنا الجدارَ لذاتي.

لم أكن أريد لهذا أن يحدث.. لكنه حدث، لم أكن أريد أن تصفعني هذه الحياة.. وأنا أقابلها بسذاجة الأطفال.

الآن استطعت أن أراها كما يجب. الحياة ليست كما نرسمها في مخيلتنا.. ليست لطيفة دائما.

الحياة لا تُهدينا حلوى ولحظات جميلة ولا تهب لنا أناسا طيبين دون أن تسرقهم منا في أي وقت.

لابد أن نفقد ونتألم.. لابد أن نتعثر ونسقط. خلف هذا الألم قوة، وخلف كل سقوط بدايات جديدة.

أظن أنني كبرت؛ والكبار لا يبكون ولا يطرقون أبواب أمهاتهم في منتصف الليل.

الكبار لا يخافون من الحياة، ويجب أن يكونوا متماسكين ويظهروا قوتهم أمام الجميع.

أنا كبير!

لكنني لا أريد أن أكون كذلك الآن.

أنا كبير وأخاف من الحياة، ومن الشبح الذي يختبئ تحت السرير.

أنا كبير؛ أبكي دون أن يراني أحد. أنا كبير وأريد أن يقص علي أحد ما حكاية قبل أن أنام.

أنا كبير يا أمي؛ ولهذا لم أطرق بابك في منتصف الليل.. وطرقت باب الله

يا الله.. يا الله.. هذه الروح تشكو جدْب الإحساس كما تشكو الأرض جدْب المطر؛ برحمتك إحساسا غزيرا.. نافعا غير ضار».

 

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر