تنازلات دون حقوق.. تقرير يرصد معاناة طلبة إعلام مع التدريب الصحفي

تنازلات دون حقوق.. تقرير يرصد معاناة طلبة إعلام مع التدريب الصحفي

«اتصدمت بالواقع، ولقيت عالم تاني عكس اللي كنت أتوقعه، كنت بقرأ كتير عن الصحافة وتجارب الناس القديمة واتصور نفسي مكانهم عشان أبدع في المجال، لكن على أرض الواقع أحلامي ماتت» هكذا يصف طالب الفرقة الرابعة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، محمد ثابت، تجربته في التدريب والعمل بالمؤسسات الصحفية.

مئات الطلاب حالهم مثل «ثابت» لديهم الحافز والرغبة في الوصول لما يحلمون به، لكن ماذا  يحدث على أرض الواقع حين يلتحقون بالمؤسسات الإعلامية والصحفية؟

تنازلات دون مقابل

بدأ محمد ثابت التدريب وهو في عامه الأول بالكلية في بجريدة الوطن، لمدة استمرت 8 أشهر كان خلالها يتابع الأخبار والمواقع الإلكترونية والسوشيال ميديا، ملتزما بـ«شيفت» كغيره من المحررين العاملين.

يحكي «ثابت» لـ«شبابيك» أنه استهلاك نفسيا وماديا ولم يجد تدريبا حقيقيا كما كان يتوقع فقرر ترك المؤسسة، وبحث عن مكان آخر وهو جريدة النبأ عمل فيها بقسم «التوك شو» واشتغل أيضا «ديسك»، معلقا «بدأت اتنازل عشان أكل العيش وأكون علاقات بالناس اللي شغالين في المجال»، ثم انتقل إلى جريدة فيتو ليخوض التجربة الثالثة.

وجد نفسه أمام خيارين، أما التنازل عن حلمه أو مسايرة الواقع الصحفي، ويعتبر أن أسوء ما يصل إليه الطلاب المتدريبين هو تغيير شخصيتهم والاعتماد على «الفهلوة وعدم الأمانة» نتيجة الالتزام بكشف الإنتاج.

عديد من المشاكل التي واجهها، حددها «ثابت» في أربع جوانب وهم: كشف الإنتاج المطلوب والاستهلاك المعنوي والمادي والتنازل عن بعض القيم في مقابل توجه المكان الذي يعمل به، وأخيرا بعض القيادات بالمؤسسات غير المؤهلين، لينهي وجهة نظره بجملة «مصر كلها بتشتغل إعلام، والطالب هو ضحية الجميع».

ويرى أن العمل الصحفي يحتاج لتغيير الكوادر بالمؤسسات الصحفية نفسها والاعتماد على العناصر الشبابية الذين يحتاجون لفرصة حقيقة، وإنهاء فكرة «الضخ الإخباري» الذي لا يحتوي على أي معلومة مفيدة.

لا حماية قانونية

«مظاهرات الأزهر وعين شمس» كانت أول تغطية ميدانية صحفية للطالب بكلية الإعلام جامعة الأزهر، منعم عاصم، دون وجود تصاريح أو شيء يضمن حقه القانوني، مضطرا لقبول الأمر ليثبت جدارته في جريدة «المصريون» التي يعمل بها وبدون مقابل مادي.

كانت تلك التجربة كفيلة لاتخاذ قرار ترك المكان، ليذهب لأحد المواقع الإلكترونية العربية وفي أول مشكلة مع وزارة الداخلية لإثبات تحقيق شخصيته المهنية، نفت المؤسسة أنه يعمل بها ليقرر الرحيل والذهاب لمكان ثالث يعمل به «ديسك» بمقابل مادي لتغطية مصاريفه الشخصية.

بخطوات متضاربة وتخبط داخلي الطموح يبدأ في الاختفاء، يجد نفسه أمام سياسة «الكوبي بست» للأخبار، لا ينتج ملفات ولا تقارير، لكنه مازال يحاول بخطوات مليئة بالإحباط، يتمنى تواجد أشخاص ذو خبرة تعطي أملا للشباب والبُعد عن منطق الذهاب وراء «صاحبة الجلالة».

بين الدراسة والتدريب

قصة آية كانت مختلفة عن السابقين. طلبت من أحد مسئولي جريدة فيتو إتاحة فرصة تدريب أثناء انعقاد ملتقى للتوظيف بالكلية خلال قيدها بالفرقة الثالثة بإعلام القاهرة.

ذهبت آية للتدريب على وعد بمعاملتها كصحفية عاملة وليست متدربة في حال أثبتت جدارتها في العمل. وووفق رواية آية وخلال فترة قليلة استطاعت إثبات نفسها، وكانت مشكلتها الوحيدة في التوفيق بين دراستها وتكليفات العمل ولا تنسى مساعدة بعض أصدقائها.

الأوضاع المادية المتدنية

قرر طالب الفرقة الرابعة بكلية إعلام الأزهر، أحمد سلطان ترك جريدة المصريون بعد شهر من التحاقه بها كمتدرب، بدعوى أنها لا تحميه قانونيا خاصة أن أول تغطية له كانت ميدانية وسط المظاهرات والاشتباكات التي حدثت في جامعته عام 2014.

بحث «سلطان» عن وظيفة بمقابل مادي نتيجة العروض الضعيفة التي وجدها بالمواقع الإلكترونية، لسد احتياجاته ومصاريفه لكونه طالب مغترب.

وبعد فترة كبيرة وجد المكان الذي يحقق رغبته المادية فعمل سكرتير تحرير بجريدة «النبأ» بجانب  أكثر من موقع حتى يستطيع تحقيق طموحه، وتلخصت أبرز مشكلاته في الأزمة المادية واستغلال مجهوده، والتعامل مع المصادر وتقيدهم في إعطاء المعلومات.

ويشدد أحمد سلطان على ضرورة وجود بند في قانون الصحفيين على حماية الطلاب المتدربين قانونيا.

عضو نقابة الصحفيين يرُد

بدوره، ينصح عضو مجلس نقابة الصحفيين محمد سعد عبدالحفيظ، الطلاب المتدربين بالجرائد بالتعرف على الأشكال الصحفية والأقسام الموجودة في المؤسسة التي يتدرب بها لاختيار المجال الذي يستطيع الإبداع والتميز فيه، مستنكرا استغلال بعض المؤسسات للطلاب في تغطية المظاهرات.

ويؤكد مدير تحرير جريدة الشروق أن الصحفيين القدامى يجب أن يقوموا بدور تغطية الأحداث المشتعلة، ومن المكن اصطحابهم لأحد الطلاب المتدربين ليتعلم آليات التعامل مع هذه الأحداث.

وأشار عبدالحفيظ إلى معاقبة الجريدة أو الموقع  صاحب قرار نزول الطلاب بالمظاهرات. 

فادية إيهاب

فادية إيهاب

صحفية مصرية متخصصة في الشأن الطلابي، إلى جانب اهتمامها بالإخراج التلفزيوني والتصوير