رئيس التحرير أحمد متولي
 شم النسيم وعيد القيامة.. سر الترابط بين الاحتفال الفرعوني والمسيحي

شم النسيم وعيد القيامة.. سر الترابط بين الاحتفال الفرعوني والمسيحي

يأتي شم النسيم الفرعوني بعد عيد القيامة المسيحي؛ فهما مترابطان الزمان  بتقويم واحد، بحيث يأتي أحدهما بعد الآخر مباشرة؛ منذ أصبحت المسيحية الديانة الرسمية والشعبية في مصر.

فما هي قصة ترابط هذين العيدين؟

شم النسيم

في بداية الربيع كان المصريون القدماء يحتفلون بشم النسيم، فهو أحد الأعياد التي شكلت أساس العقيدة القديمة التي آمنت بتجدد الحياة الأبدية بعد الموت.

وكان الربيع هو رمز لتجدد الحياة، وظهور النباتات والزروع بعد فترة طويلة من الموت والركود، ومنذ عصر الدولة الفرعونية القديمة والمصري يعتبر أن شم النسيم هو اليوم الذي بدأ فيه الخلق والحياة على الأرض.

فشم النسيم مأخوذة من الكلمة القبطية «شمو» التي تعني البعث؛ وهناك رأي آخر يقول أن الكلمة أصلها «شم إن نسيم» وتعني «بستان الزروع».

احتفالات الربيع ارتبطت كثيرا بالآلهة المصرية القديمة، وبالتحديد أسطورة إيزيس وأوزوريس التي اعتبرت صلب العقيدة المصرية، وفقا لموقع «حراس الحضارة» المتخصص في التاريخ المصري القديم.

  • أسطورة إيزيس وأوزوريس

فوفقًا للأسطورة يدور الصراع على عرش مصر بين الشقيقين؛ «أوزوريس» إله الزراعة والنباتات والحياة الأبدية، وبين «ست» إله الصحراء والقحط، ينتصر ست على أخيه، ويقطع جسده ويلقيه في أماكن متفرقة من وادي النيل، في رمزية لانتصار القحط والجدب أو الموت على الزراعة والنباتات والتي ترمز للحياة الأبدية.

تطوف «إيزيس» زوجة أوزريس وادي النيل لتجمع جسد زوجها وتعيده للحياة بعد الموت، وتنجب منه ابنهما «حورس» الذي ينتصر على «ست» وتعود الحياة والنباتات من جديد.

يصبح «أوزوريس» إلها للبعث والحساب والحياة الأبدية بعد الموت ويصبح «ست» إلها للشر والفوضى والدمار.

في الجداريات الفرعوعنية يرمز لأوزوريس باللون الأخضر لكونه إله النبات والبعث

ولهذا يحمل شم النسيم دلالات كثيرة، فتجدد النباتات رمز لتجدد الحياة الأبدية بعد الموت، ورمز لانتصار الخير في صراعة الأبدي مع الشر.

عيد القيامة وشم النسيم

عندما دخلت المسيحية مصر وأصبحت الديانة الرسمية والأكثر انتشارًا في القرن الراابع الميلادي، كان المصريون لايزالون متمسكين بعاداتهم الفرعونية القديمة، ويحتفلون بشم النسيم، حتى وإن تغيرت الدلالات الدينية؛ فأصبحت احتفال شم النسيم احتفالا بالربيع والحصاد، وأصبح المسيح هو رمز للحياة الأبدية والانتصار على الشيطان، بعد موته وبعثه مرة أخرى، وفقًا للمعتقد المسيحي.

واجهت المصريين مشكلة كبيرة، فاحتفالات شم النسيم التي تأتي مع بداية الربيع تتزامن مع الصوم الكبير في الديانة المسيحية، وهي فترة عبادة وصوم يُمنع فيها المأكولات من أصل حيواني، كما يمنع فيها الاحتفالات والبهرجة، لأنها فترة يتبعد فيها المسيحيون بذكرى آلام وصلب المسيح.

ولهذا أجمعت الكنيسة الشرقية منذ قديم الزمان على تأخير الاحتفال بشم النسيم بعد عيد القيامة مباشرة، حتى يمكن للمصريين الاحتفال والانطلاق وتناول الأطعمة الخاصة بهذا اليوم.

وبهذا يتزامن الاحتفال الفرعوني القديم بتجدد الحياة مع الاحتفال بقيامة المسيح.

شم النسيم وعيد القيامة والفصح اليهودي

هناك ثلاثة أعياد مرتبطة ببعضها، وهي شم النسيم الفرعوني وعيد القيامة المسيحي والفصح اليهودي.

فعيد الفصح يرتبط كذلك باحتفالات الربيع، فقد خرج بنو إسرائيل من مصر خلال احتفالات شم النسيم حتى لا يتلفت إليهم الفرعون أو الشعب الذي يكون منشغلا في احتفاله.

وبعد خروجهم من مصر في هذا اليوم، صار عيد الفصح في الديانة اليهودية هو احتفال بنجاة بني إسرائيل من فرعون.

وفي المعتقد المسيحي، جاءت قيامة المسيح مباشرة بعد عيد الفصح اليهودي الذي يستمر الاحتفال به لسبعة أيام متتالية.

ولأن الحصاد أو الربيع عند اليهود يكون بين شهري أبريل ومايو، ولأن قيامة المسيح جاءت بعد عيد الفصح مباشرة الذي يعتبر عيدا للحصاد وعيدا دينيا في الوقت نفسه؛ فقد مزجت الكنيسة الشرقية بين التقويم الشمسي والقمري وليتم حساب عيد القيامة فلا يأتي قبل 7 أبريل أو يتأخر عن 8 مايو، ثم يأتي عيد شم النسيم تاليا له مباشرة.

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال